**********( بسم الله الرحمن الرحيم )**********
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
أما بعد:
فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - كما جاء في الصحيحين: ((إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل فقال: يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء إن الله يُحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)).
لو سأل سائل فقال: كيف يتأتَّى للإنسان أن يكون حبيبا لله - عز وجل - حتى يُحبه جبريل ويحبه أهل السماء ويوضع له القبول في الأرض؟
أسهل وأسرع الطرق أن يكثر العبد من النوافل، جاء في حديث أبي هريرة عند البخاري فيما يرويه عن ربه: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) وانظروا إلى كلمة: (لا يزال) تدل على الاستمرار، هو في مجاهدة للتقرب إلى الله - عز وجل - من سائر أنواع النوافل، من صلاة، من صدقة، من صوم، وما شابه ذلك.
((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته)) ما هي الثمرات؟ ((كنت سمعه الذي يسمع به)) ليس معنى ذلك أن سمع المخلوق هو سمع الله - عز وجل - كلا وحاشا، - تعالى الله عن ذلك- ولذا في إحدى الروايات: ((فبي يسمع وبي يُبصر)) يعني أنه لا يسمع إلا ما يرضي الله - عز وجل -، قال: ((كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)) يعني لا تكون حركاته إلا لله ومن أجل الله: ((ولئن سألني لأعطينه، ولئن سألني لأعيذنَّه)) ثمرات وفوائد طيبة.
وكلما كانت هذه النوافل في الخفاء كانت أفضل، الفرائض تُؤدى على مرأى من الناس، ولكن هذه النوافل كلما كانت في الخفاء كلما كان أحسن وأطيب، ولذا في صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يُحب العبد التقي الغني الخفي)).
(التقي) هو تقي يعمل بالطاعات ويترك المنهيات.
(الغني) يعني غني النفس.
(الخفي) الذي يخفي أعماله، قد يُرى ولا يؤبه له، وليس له قدر عند الناس، لأنه في خفاء، لكن ربه أعلم به، فينال محبة الله، والحديث الذي ذكرته في صدر كلامي هو تفسير لقوله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) مريم96، سبحان الله، كلما كان هذا القلب مليئا بطاعة الله فنال محبة الله، كلما كانت له آثار على الغير وعلى نفسه هو، ولذلك في الحديث الصحيح يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم) يعني بالفراسة سبحان الله ما في قلبه من الصفاء والنقاء من خلال تقسيمات وجه شخص معين يعرف هذا العابد ماذا يختلج ويضمر في فؤاده، هذه فراسة، كما قال - تعالى -إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَالحجر75، هو إذا رأى الناس حكم على ضمائرهم بما يظهر له من فراسة، والفراسة مأخوذة من الافتراس، مثلما يفترس الأسد فريسته ينقض عليها انقضاضا، كذلك من امتلأ قلبه إيمانا وهدى وخيرا يكون في قلبه نور، هذا النور يظهر على الجوارح، ولذلك في الحديث الحسن الذي يحسنه ابن حجر والألباني - رحمهما الله - قال (أولياء الله الذين إذا رُؤوا ذُكر الله) من حين ما ترى هذا العبد سبحان الله تذكر الله، لكن نحتاج إلى مسارعة، وكلما كان العبد لله أسرع كلما كان الله - عز وجل - إليه أسرع وأسرع، ولذلك في الحديث القدسي (مَنْ تقرَّب إليّ شبرا تقربت منه ذراعا) من أطراف الأصابع إلى المرفق (ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا) مقدار ما يمد الإنسان يديه (ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) ولا يقل أحد إن هذا الفضل مسدود بابه علي لا من فضل الله - عز وجل - على هذه الأمة أن الخيرية لا تزال فيها، ولذلك في مسند الإمام أحمد قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته حتى تقوم الساعة)) انظروا: (لا يزال) فيه استمرار من الله - عز وجل - للعباد الموفقين العاملين بطاعته المتقربين إليه بسائر أنواع النوافل أن يكونوا أولياء لله - عز وجل -، أن يكونوا غرسا، يغرسهم من؟ ربهم الخالق - عز وجل -، وإذا غرس الله - عز وجل - عبدا في دينه، كان خيرا عظيما في دينه وفي أخراه: ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته حتى تقوم الساعة)).
نسأل الله - عز وجل - أن يجعلنا وإياكم من أوليائه وأحبابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المصدر // http://www.albahre.com